موقع القران الكريم » تفسير ابن كثر » سورة آل عمران

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ (118) (آل عمران) mp3
يَقُول تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَاهِيًا عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ عَنْ اِتِّخَاذ الْمُنَافِقِينَ بِطَانَة أَيْ يُطْلِعُونَهُمْ عَلَى سَرَائِرهمْ وَمَا يُضْمِرُونَهُ لِأَعْدَائِهِمْ وَالْمُنَافِقُونَ بِجُهْدِهِمْ وَطَاقَتهمْ لَا يَأْلُونَ الْمُؤْمِنِينَ خَبَالًا أَيْ يَسْعَوْنَ فِي مُخَالَفَتهمْ وَمَا يَضُرّهُمْ بِكُلِّ مُمْكِن وَبِمَا يَسْتَطِيعُونَ مِنْ الْمَكْر وَالْخَدِيعَة وَيَوَدُّونَ مَا يَعْنَت الْمُؤْمِنِينَ وَيُحْرِجهُمْ وَيَشُقّ عَلَيْهِمْ وَقَوْله تَعَالَى " لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِنْ دُونكُمْ " أَيْ مِنْ غَيْركُمْ مِنْ أَهْل الْأَدْيَان وَبِطَانَة الرَّجُل هُمْ خَاصَّة أَهْله الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ عَلَى دَاخِل أَمْره وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ حَدِيث جَمَاعَة مِنْهُمْ يُونُس وَيَحْيَى بْن سَعِيد وَمُوسَى بْن عُقْبَة وَابْن أَبِي عَتِيق عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي سَعِيد أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا بَعَثَ اللَّه مِنْ نَبِيّ وَلَا اِسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَة إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَة تَأْمُرهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضّهُ عَلَيْهِ وَبِطَانَة تَأْمُرهُ بِالسُّوءِ وَتَحُضّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُوم مَنْ عَصَمَهُ اللَّه " وَقَدْ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وَمُعَاوِيَة بْن سَلَّام عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ فَيَحْتَمِل أَنَّهُ عِنْد الزُّهْرِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْهُمَا وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ الزُّهْرِيّ أَيْضًا وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه فَقَالَ : وَقَالَ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر عَنْ صَفْوَان بْن سَلِيم عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِي أَيُّوب الْأَنْصَارِيّ مَرْفُوعًا فَذَكَرَهُ فَيَحْتَمِل أَنَّهُ عِنْد أَبِي سَلَمَة عَنْ ثَلَاثَة مِنْ الصَّحَابَة وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوب مُحَمَّد بْن الْوَزَّان حَدَّثَنَا عِيسَى بْن يُونُس عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمِيّ عَنْ أَبِي الزنباع عَنْ اِبْن أَبِي الدِّهْقَانَة قَالَ : قِيلَ لِعُمَرَ بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِنَّ هَهُنَا غُلَامًا مِنْ أَهْل الْحِيرَة حَافِظ كَاتِب فَلَوْ اِتَّخَذْته كَاتِبًا فَقَالَ : قَدْ اِتَّخَذْت إِذًا بِطَانَة مِنْ دُون الْمُؤْمِنِينَ فَفِي هَذَا الْأَثَر مَعَ هَذِهِ الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ أَهْل الذِّمَّة لَا يَجُوز اِسْتِعْمَالهمْ فِي الْكِتَابَة الَّتِي فِيهَا اِسْتِطَالَة عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاطِّلَاع عَلَى دَوَاخِل أُمُورهمْ الَّتِي يُخْشَى أَنْ يُفْشُوهَا إِلَى الْأَعْدَاء مِنْ أَهْل الْحَرْب وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِسْرَائِيل حَدَّثَنَا هُشَيْم حَدَّثَنَا الْعَوَّام عَنْ الْأَزْهَر بْن رَاشِد قَالَ : كَانُوا يَأْتُونَ أَنَسًا فَإِذَا حَدَّثَهُمْ بِحَدِيثٍ لَا يَدْرُونَ مَا هُوَ أَتَوْا الْحَسَن يَعْنِي الْبَصْرِيّ فَيُفَسِّرهُ لَهُمْ قَالَ : فَحَدَّثَ ذَات يَوْم عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " فَلَمْ يَدْرُوا مَا هُوَ فَأَتَوْا الْحَسَن فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ أَنَسًا حَدَّثَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ وَلَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " فَقَالَ الْحَسَن : أَمَّا قَوْله " لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْله " لَا تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ " يَقُول لَا تَسْتَشِيرُوا الْمُشْرِكِينَ فِي أُمُوركُمْ ثُمَّ قَالَ الْحَسَن : تَصْدِيق ذَلِكَ فِي كِتَاب اللَّه " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَة مِنْ دُونكُمْ " هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ مُجَاهِد بْن مُوسَى عَنْ هُشَيْم وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد عَنْ هُشَيْم بِإِسْنَادِهِ مِثْله مِنْ غَيْر ذِكْر تَفْسِير الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَهَذَا التَّفْسِير فِيهِ نَظَر وَمَعْنَاهُ ظَاهِر " لَا تَنْقُشُوا فِي خَوَاتِيمكُمْ عَرَبِيًّا " أَيْ بِخَطِّ عَرَبِيّ لِئَلَّا يُشَابِه نَقْش خَاتَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَانَ نَقْشه مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَنْقُش أَحَد عَلَى نَقْشه وَأَمَّا الِاسْتِضَاءَة بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ فَمَعْنَاهُ لَا تُقَارِبُوهُمْ فِي الْمَنَازِل بِحَيْثُ تَكُونُونَ مَعَهُمْ فِي بِلَادهمْ بَلْ تَبَاعَدُوا مِنْهُمْ وَهَاجِرُوا مِنْ بِلَادهمْ وَلِهَذَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ " لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا " وَفِي الْحَدِيث الْآخَر " مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِك أَوْ سَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْله " فَحَمَلَ الْحَدِيث عَلَى مَا قَالَهُ الْحَسَن رَحِمَهُ اللَّه وَالِاسْتِشْهَاد عَلَيْهِ بِالْآيَةِ فِيهِ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاههمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورهمْ أَكْبَر " أَيْ قَدْ لَاحَ عَلَى صَفَحَات وُجُوههمْ وَفَلَتَات أَلْسِنَتهمْ مِنْ الْعَدَاوَة مَعَ مَا هُمْ مُشْتَمِلُونَ عَلَيْهِ فِي صُدُورهمْ مِنْ الْبَغْضَاء لِلْإِسْلَامِ وَأَهْله مَا لَا يَخْفَى مِثْله عَلَى لَبِيب عَامِل وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " قَدْ بَيَّنَا لَكُمْ الْآيَات إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " .

كتب عشوائيه

  • زاد المعاد في هدي خير العبادزاد المعاد في هدي خير العباد: يعتبر هذا الكتاب - زاد المعاد في هدي خير العباد - من أفضل ما كتب في هديه - صلى الله عليه وسلم - تقريب لهديه في سائر جوانب حياته؛ لنقتدي به ونسير على هديه - صلى الله عليه وسلم -.

    المؤلف : Ibn Qayyim al-Jawziyyah

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339189

    التحميل :Provisions for the Hereafter (Zaad Al-Ma'ad)

  • كتاب الإيمانكتاب الإيمان: معالمه، وسننه، واستكماله، ودرجاته.

    المؤلف : Sheikh-ul-Islam ibn Taymiyyah

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193208

    التحميل :The Book Of Imaan

  • شرح الدروس المهمة لعامة الأمةالدروس المهمة لعامة الأمة: هذه الرسالة على صغر حجمها جمع المؤلف - رحمه الله - بين دفتيها سائر العلوم الشرعية من أحكام الفقه الأكبر والفقه الأصغر، وما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الأخلاق الشرعية والآداب الإسلامية، وختم هذه الرسالة بالتحذير من الشرك وأنواع المعاصي، فأتت الرسالة بما ينبغي أن يكون عليه المسلم عقيدة وعبادةً، وسلوكا ومنهجا، فهذه الرسالة اسم على مسمى فهي بحق الدروس المهمة لعامة الأمة.؛ لذا قام العديد من المشايخ بشرح هذه الرسالة اللطيفة، ومن هذه الشروح شرح الشيخ محمد بن علي العرفج - أثابه الله -.

    المؤلف : Muhammad Bin Ali Al-Arfaj

    الناشر : http://www.dar-alsalam.com - Darussalam Publications Website

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/69968

    التحميل :Explanation of Important Lessons

  • زاد المعاد في هدي خير العبادزاد المعاد في هدي خير العباد: يعتبر هذا الكتاب - زاد المعاد في هدي خير العباد - من أفضل ما كتب في هديه - صلى الله عليه وسلم - تقريب لهديه في سائر جوانب حياته؛ لنقتدي به ونسير على هديه - صلى الله عليه وسلم -.

    المؤلف : Ibn Qayyim al-Jawziyyah

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/339189

    التحميل :Provisions for the Hereafter (Zaad Al-Ma'ad)

  • ماذا قال المسيح حقا؟ماذا قال المسيح حقا؟

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/193556

    التحميل :What did jesus really say?