موقع القران الكريم » تفسير ابن كثر » سورة البقرة

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85) (البقرة) mp3
" ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ " الْآيَة قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي مُحَمَّد عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَوْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس" ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ " الْآيَة . قَالَ : أَنْبَأَهُمْ اللَّهُ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ وَقَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاة سَفْك دِمَائِهِمْ وَافْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فِيهَا فِدَاء أَسْرَاهُمْ فَكَانُوا فَرِيقَيْنِ طَائِفَة مِنْهُمْ بَنُو قَيْنُقَاع وَهُمْ حُلَفَاء الْخَزْرَج وَالنَّضِير وَقُرَيْظَة وَهُمْ حُلَفَاء الْأَوْس فَكَانُوا إِذَا كَانَتْ بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج حَرْب خَرَجَتْ بَنُو قَيْنُقَاع مَعَ الْخَزْرَج وَخَرَجَتْ النَّضِير وَقُرَيْظَة مَعَ الْأَوْس يُظَاهِر كُلّ وَاحِد مِنْ الْفَرِيقَيْنِ حُلَفَاءَهُ عَلَى إِخْوَانه حَتَّى تَسَافَكُوا دِمَاءَهُمْ بَيْنهمْ وَبِأَيْدِيهِمْ التَّوْرَاة يَعْرِفُونَ فِيهَا مَا عَلَيْهِمْ وَمَا لَهُمْ وَالْأَوْس وَالْخَزْرَج أَهْل شِرْك يَعْبُدُونَ الْأَوْثَان وَلَا يَعْرِفُونَ جَنَّة وَلَا نَارًا وَلَا بَعْثًا وَلَا قِيَامَة وَلَا كِتَابًا وَلَا حَلَالًا وَلَا حَرَامًا فَإِذَا وَضَعَتْ الْحَرْب أَوْزَارهَا اِفْتَدَوْا أَسَرَاهُمْ تَصْدِيقًا لِمَا فِي التَّوْرَاة وَأَخْذًا بِهِ يَفْتَدِي بَعْضهمْ مِنْ بَعْض يَفْتَدِي بَنُو قَيْنُقَاع مَا كَانَ مِنْ أَسْرَاهُمْ فِي أَيْدِي الْأَوْس وَيَفْتَدِي النَّضِير وَقُرَيْظَة مَا كَانَ فِي أَيْدِي الْخَزْرَج مِنْهُمْ وَيَطْلُبُونَ مَا أَصَابُوا مِنْ دِمَائِهِمْ وَقَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا مِنْهُمْ فِيمَا بَيْنهمْ مُظَاهَرَة لِأَهْلِ الشِّرْك عَلَيْهِمْ يَقُول اللَّه تَعَالَى ذِكْرُهُ حَيْثُ أَنْبَأَهُمْ بِذَلِكَ " أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ " أَيْ تُفَادُونَهُمْ بِحُكْمِ التَّوْرَاة وَتَقْتُلُونَهُمْ وَفِي حُكْم التَّوْرَاة أَنْ لَا يُقْتَل وَلَا يُخْرَج مِنْ دَاره وَلَا يُظَاهَر عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ يُشْرِك بِاَللَّهِ وَيَعْبُد الْأَوْثَان مِنْ دُونه اِبْتِغَاء عَرَض الدُّنْيَا ؟ فَفِي ذَلِكَ مِنْ فِعْلهمْ مَعَ الْأَوْس وَالْخَزْرَج فِيمَا بَلَغَنِي نَزَلَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ . وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ : كَانَتْ قُرَيْظَة حُلَفَاء الْأَوْس وَكَانَتْ النَّضِير حُلَفَاء الْخَزْرَج فَكَانُوا يَقْتَتِلُونَ فِي حَرْب بَيْنهمْ فَتُقَاتِل بَنُو قُرَيْظَة مَعَ حُلَفَائِهَا النَّضِير وَحُلَفَاءَهُمْ وَكَانَتْ النَّضِير تُقَاتِل قُرَيْظَة وَحُلَفَاءَهَا وَيَغْلِبُونَهُمْ فَيُخَرِّبُونَ دِيَارهمْ وَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْهَا فَإِذَا أُسِرَ رَجُل مِنْ الْفَرِيقَيْنِ كِلَيْهِمَا جَمَعُوا لَهُ حَتَّى يَفْدُوهُ فَتُعَيِّرهُمْ الْعَرَب بِذَلِكَ وَيَقُولُونَ : كَيْف تُقَاتِلُونَهُمْ وَتَفْدُونَهُمْ ؟ قَالُوا : إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَفْدِيَهُمْ وَحُرِّمَ عَلَيْنَا قِتَالهمْ قَالُوا : فَلِمَ تُقَاتِلُونَهُمْ ؟ قَالُوا : إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ تُسْتَذَلّ حُلَفَاؤُنَا فَذَلِكَ حِين عَيَّرَهُمْ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى " ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ " الْآيَة . وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ عَنْ الشَّعْبِيّ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي قَيْس بْن الْحَطِيم" ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ " الْآيَة . وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ عَنْ عَبْد خَيْر قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ سَلْمَان بْن رَبِيعَة الْبَاهِلِيّ بَلَنْجَر فَحَاصَرْنَا أَهْلهَا فَفَتَحْنَا الْمَدِينَة وَأَصَبْنَا سَبَايَا وَاشْتَرَى عَبْد اللَّه بْن سَلَام يَهُودِيَّة بِسَبْعِمِائَةٍ فَلَمَّا مَرَّ بِرَأْسِ الْجَالُوت نَزَلَ بِهِ فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّه : يَا رَأْس الْجَالُوت هَلْ لَك فِي عَجُوز هَاهُنَا مِنْ أَهْل دِينك تَشْتَرِيهَا مِنِّي قَالَ : نَعَمْ قَالَ : أَخَذْتهَا بِسَبْعِمِائَةٍ دِرْهَم قَالَ : فَإِنِّي أُرْبِحك سَبْعمِائَةٍ أُخْرَى قَالَ : فَإِنِّي قَدْ حَلَفْت أَنْ لَا أُنْقِصهَا مِنْ أَرْبَعَة آلَاف قَالَ : لَا حَاجَة فِيهَا قَالَ : وَاَللَّه لَتَشْتَرِيَنَّهَا مِنِّي أَوْ لَتَكْفُرَنَّ بِدِينِك الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ : اُدْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ فَقَرَأَ فِي أُذُنه مِمَّا فِي التَّوْرَاة : إِنَّك لَا تَجِد مَمْلُوكًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل إِلَّا اِشْتَرَيْته فَأَعْتَقْته " وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجهمْ " قَالَ : أَنْتَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَجَاءَ بِأَرْبَعَةِ آلَاف فَأَخَذَ عَبْد اللَّه أَلْفَيْنِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ . وَقَالَ آدَم بْن إِيَاس فِي تَفْسِيره : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر يَعْنِي الرَّازِيّ حَدَّثَنَا الرَّبِيع بْن أَنَس أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَالِيَة أَنَّ عَبْد اللَّه بْن سَلَام مَرَّ عَلَى رَأْس الْجَالُوت بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يُفَادِي مِنْ النِّسَاء مَنْ لَمْ يَقَع عَلَيْهِ الْعَرَب وَلَا يُفَادِي مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَرَب فَقَالَ عَبْد اللَّه : أَمَا إِنَّهُ مَكْتُوب عِنْدك فِي كِتَابك أَنْ تَفَادِيهِنَّ كُلّهنَّ وَاَلَّذِي أَرْشَدَتْ إِلَيْهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهَذَا السِّيَاق ذَمُّ الْيَهُود فِي قِيَامهمْ بِأَمْرِ التَّوْرَاة الَّتِي يَعْتَقِدُونَ صِحَّتهَا وَمُخَالَفَة شَرْعهَا مَعَ مَعْرِفَتهمْ بِذَلِكَ وَشَهَادَتهمْ لَهُ بِالصِّحَّةِ فَلِهَذَا لَا يُؤْتَمَنُونَ عَلَى مَا فِيهَا وَلَا عَلَى نَقْلهَا وَلَا يُصَدِّقُونَ فِيمَا كَتَمُوهُ مِنْ صِفَة رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَعْته وَمَبْعَثه وَمَخْرَجه وَمُهَاجَره وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ شُؤُونه الَّتِي أُخْبِرْت بِهَا الْأَنْبِيَاء قَبْله عَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْيَهُود عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه يَتَكَاتَمُونَهُ بَيْنهمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا " أَيْ بِسَبَبِ مُخَالَفَتهمْ شَرْع اللَّه وَأَمْره " وَيَوْم الْقِيَامَة يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدّ الْعَذَاب" جَزَاء عَلَى مُخَالَفَتهمْ كِتَاب اللَّه الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " .

كتب عشوائيه

  • محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيلمحمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل: كتابٌ بيَّن فيه المؤلف بشارة الإنجيل بمحمد - صلى الله عليه وسلم -.

    المؤلف : Jamal Badawi

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/320540

    التحميل :Muhammad (Peace Be Upon Him) In The Bible

  • الأحوال الزوجيةالأحوال الزوجية: الحياة الزوجية في الإسلام تنبني على مبادئ سامية يتحقق بها جملة من الأهداف التي أراد الله تعالى أن تتحقق من خلال هذه العلاقة الطاهرة. وهذا الكتاب يتحدث عن هذا الموضوع بشيء من الإيجاز.

    المؤلف : Muhammad Bin Ibrahim Al-Tuwajre

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    الناشر : Cooperative Office for Propagation, Guidance, and Warning of Expatriates in the city of Naseem - A website Islamic Library www.islamicbook.ws

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/328626

    التحميل :The Book of (Nikah) Marriage

  • مسائل وأحكام رمضانيةمسائل وأحكام رمضانية: مجموعة من الرسائل النافعة في أبواب شهر رمضان المختلفة؛ واحتوت هذه المجموعة على ما يلي: 1- 70 مسألة في الصيام. 2- فضل قيام الليل في رمضان. 3- الاعتكاف. 4- زكاة الفطر. 5- العيد أحكامه وآدابه.

    المؤلف : Muhammad Salih Al-Munajjid

    الناشر : Islamic Propagation Office in Rabwah

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1351

    التحميل :Rulings pertaining to Ramadaan

  • فتاوى حكم التبغ والدخانفتاوى حكم التبغ والدخان: مجموعة من الفتاوى في حكم التبغ والدخان؛ في شربه، وبيعه، وشرائه، وغير ذلك، أجاب عليها أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمهم الله تعالى -.

    المؤلف : Abdul Aziz bin Abdullah bin Baz - Abdur-Rahman Bin Nasir as-Sadi - Muhammad bin Ibraaheem Aal-ish-Sheikh

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/1235

    التحميل :Fataawa regarding Tobacco and CigarettesFataawa regarding Tobacco and Cigarettes

  • شرح عمدة الفقهشرح عمدة الفقه: شرحٌ مختصرٌ على كتاب الإمام ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - «عمدة الفقه»، وقد تضمَّن شرحَ جزء العبادات من الكتاب، من كتاب الطهارة إلى كتاب الجنائز.

    المؤلف : Hatem Al-Haj Ali

    المدقق/المراجع : Muhammad AbdulRaoof

    المصدر : http://www.islamhouse.com/p/321935

    التحميل :Sharh 'Umdah al Fiqh