وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ
(68) (يس)
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ اِبْن آدَم أَنَّهُ كُلَّمَا طَالَ عُمْره رُدَّ إِلَى الضَّعْف بَعْد الْقُوَّة وَالْعَجْز بَعْد النَّشَاط كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " اللَّه الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْف ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد ضَعْف قُوَّة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْد قُوَّة ضَعْفًا وَشَيْبَة يَخْلُق مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيم الْقَدِير " وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ " وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدّ إِلَى أَرْذَل الْعُمُر لِكَيْلَا يَعْلَم مِنْ بَعْد عِلْم شَيْئًا" وَالْمُرَاد مِنْ هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم الْإِخْبَار عَنْ هَذِهِ الدَّار بِأَنَّهَا دَار زَوَال وَانْتِقَال لَا دَار دَوَام وَاسْتِقْرَار وَلِهَذَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " أَفَلَا يَعْقِلُونَ " أَيْ يَتَفَكَّرُونَ بِعُقُولِهِمْ فِي اِبْتِدَاء خَلْقهمْ ثُمَّ صَيْرُورَتهمْ إِلَى سِنّ الشَّيْبَة ثُمَّ إِلَى الشَّيْخُوخَة لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ خُلِقُوا لِدَارٍ أُخْرَى لَا زَوَال لَهَا وَلَا اِنْتِقَال مِنْهَا وَلَا مَحِيد عَنْهَا وَهِيَ الدَّار الْآخِرَة .